الكــــــــــــــــــرمة
العــــــــــــــدد 125 الســـــــنة الحادية عشرة
نشــــــرة شـــــــــهرية تصدر منتصف كل شــــــــــــــهر
عن منتـــــــــــدى كرمليــــــــــــس الثقافــــــــــــــي
العــــــــــــــدد 125 الســـــــنة الحادية عشرة
نشــــــرة شـــــــــهرية تصدر منتصف كل شــــــــــــــهر
عن منتـــــــــــدى كرمليــــــــــــس الثقافــــــــــــــي
[size=18]مَشـــــــاهد بقلم بســـــام
• المشهد الأول:
كنت صغيراً جداً وانشغالاتي أكبر من عمر صبي بعمر الحادية عشرة، كانت الناس تتزاحم على تلك البوابة يدخلونها بعدما يرن الجرس وعندما سألت عن المكان قالوا لي انها الجنّة، واعدتني بأنها ستدخلني الجنة تلك في أقرب فرصة، انتظرت باكراً تاركاً كل انشغالاتي الصغيرة الكبيرة ، وقفت أتأمل اللقطات المعروضة في الصالة ورّن الجرس مرة واثنتين وأنا مازلت عند البوابة أترقب قدومها لتدخلني جنتها.
• المشـــهد الثاني:
كان جدّي لايرفض لي طلباً منذ أن توفي والدي بحادثٍ غامض، وهواية جدّي الاعتناء ببندقية الصيد خاصته، ينظفها ويعتني بها كانها أحد ابنائه، طلبت اليه مراراً أن يصطحبني معه في احدى رحلات الصيد ووعدني في الأحد التالي أن أرافقه في جولتهِ، وفي فجر ذلك الأحد كان الوقت ثقيل الجري أسرعت الى بيت جدّي حيث ينتظرني.. وجدت الناس وقد تجمهرتْ هناك، ظننت أن الكل موعود بالرحلة مثلي، شققت طريقي بين الزحام لأجد جدّي مســجّى مغمض العينين ووجدت البندقية قرب رأسهِ وإذا بجدتّي تقول لي:" تعالَ ارسل سلامك الى والدك يا حبيبي فإن جدك راحل لملاقاتهِ".
• المشـــهد الثالث:
انّه الربيع موسم الخضرة والتزاوج، خرجنا الى الطريق الترابي ننوي المطالعة للامتحان، استهوتنا الضفادع نقتل بعضها ونشرّح أخرى بأداةٍ حادة وفي طريق عودتنا كانت الناس تتزاحم وتركض ثم ساد الهدوء والوجوم وهمهمات تقول :"طلال أٌسـتشهْد" وتقافزت الى مخيلتي آلاتنا الحادة التي جعلت أحشاء الضفدع تندلق والربط بينها وبين أحشاء الشهيد المندلقة على تراب الساتر، وضاعت تلك المخيلات بين لطم النساء وشدّ شعرهن وعويلهنْ.
• المشـــهد الأخير:
فعلتْ ما فعلتْ مرغماً، ودخلت السجن ظلماً، سدّدت ثمن أخطائي وأخطاء ارتكبها غيري، ندمت على كل هفوة أبعدتني عن الله وعن قريبي، كفرّت عن هفواتي وزرعت الخير بين من يظّنهم الناس غير مستحقين الحياة مهما كانت أسبابهم.
وعندما أطلقَ سراحي نبذني كل من عرفني قبلاً وأنكر معرفته بي، إن الناس لا تقبل بالخارج من السجن صديقاً وتأباه لها نداً، وتستكثر عليه عيش براءته حتى لو دفع أضعاف الثمن.
لاجدوى من العيش مرذولاً ولا العودة الى السجن طوعاً فكلها هباء في هباءاَ في هباء.
[center] [/size[/center]]